كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [28].
قرأ عاصم وحمزة والكسائي إلا أن تكون تجارة نصا أي إلا أن تكون الأموال تجارة فجعلوا تجارة خبر تكون.
وقرأ الباقون تجارة جعلوا تكون بمعنى الحدوث والوقوع أي إلا أن تقع تجارة.
{وندخلكم مدخلا كريما} [3].
قرأ نافع وندخلكم مدخلا كريما بنصب الميم جعله مصدرا من دخل يدخل مدخلا فإن سأل سائل فقال قد تقدم ما يدل على أنه من أدخل فالجواب في ذلك أن المدخل مصدر صدر عن غير لفظه كأنه قال ويدخلكم فتدخلون مدخلا وكذلك قوله والله أنبتكم من الأرض نباتا ولم يقل إنباتا قال الخليل تقديره فنبتم نباتا ويجوز أن يكون المدخل اسما.
للمكان فكأنه قال وندخلكم موضع دخولكم قال الزجاج قاله مدخلا يعني به هاهنا الجنة.
وقرأ الباقون مدخلا بضم الميم مصدر من أدخل يدخل إدخالا وحجتهم قوله وندخلكم مدخلا كريما وفي التنزيل وقل رب ادخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
{وسئلوا الله من فضله} [32].
قرأ ابن كثير والكسائي وسلوا الله من فضله وفسلوا أهل الذكر بفتح السين وترك الهمزة وكذلك كل أمر مواجه وحجتهما إجماع الجميع على طرح الهمزة في قوله سل بني إسرائيل وسلهم أيهم بذلك زعيم فردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه فطرحا الهمزة من جميع ذلك.
فإن سأل سائل فقال هلا طرحا من غير المواجهة كما طرحا من المواجهة فقرأا وليسلوا ما أنفقوا بغير همز الجواب لم يطرحا.
الهمزة من غير المواجهة لأن العرب لم تطرح اللام من أوله كما طرحته من المواجهة فقالوا ليقم زيد فتركوه على أصله وقالوا قم يا زيد فحذفوا ذلك على أنهم لم يستثقلوا في غير المواجهة ما استثقلوه في المواجهة فلهذا حذفا من المواجهة كما حذفت العرب اللام من المواجهة ولم يحذفا الهمزة من غير المواجهة كما لم تحذف العرب اللام من غير المواجهة.
وقرأ الباقون واسألوا الله بالهمز وحجتهم في ذلك أن العرب لا تهمز سل فإذا أدخلوا الواو والفاء وثم همزوا.
فإن سأل سائل فقال إذا أدخلوا الواو والفاء لم همزوا هلا تركوها فالجواب في ذلك أن أصل سل اسأل فاستثقلوا الهمزتين فنقلوا فتحة الهمزة إلى السين فلما تحركت السين استغنوا عن ألف الوصل فإذا تقدمه واو أو فاء ردوا الكلمة إلى الأصل وأصله واسألوا لأنهم إنما حذفوا لاجتماع الهمزتين فلما زالت العلة ردوها إلى الأصل.
{والذين عقدت أيمانكم} [33].
قرأ عاصم وحمزة والكسائي والذين عقدت أيمانكم بغير ألف وحجتهم أن الإيمان عقدت بينهم لأن في قوله أيمانكم حجة على أن أيمان الطائفتين هي عقدت ما بينهما وفي إسناد الفعل إلى الأيمان كفاية من الحجة.
وقرأ الباقون والذين عاقدت بالألف وحجتهم أن العقد.
كان من الفريقين وكان هذا في الجاهلية يجيء الرجل الذليل إلى العزيز فيعاقده ويحالفه ويقول له أنا ابنك ترثني وأرثك وحرمتي حرمتك ودمي دمك وثأري ثأرك فأمر الله جل وعز بالوفاء لهم فهذا العقد لا يكون إلا بين اثنين وقيل إن ذلك أمر قبل تسمية المواريث وهي منسوخة بآية المواريث.
{والجار ذي القربى} [36].
قرأ الكسائي والجار ذي القربى ممال وقرأ أبو عمرو بغير إمالة وبه قرأ الآخرون.
فإن قيل فما بال أبي عمرو لم يمل الألف في قوله والجار ذي القربى مع أنها تلي الطرف كالألف في جبار ونهار فالجواب عن ذلك أن يقال لما كانت الصفة والموصوف بمجموعهما يفيدان ما يفيد الاسم الواحد صارت الصفة هاهنا لكونها من تمام الأول آخر الاسم والألف صارت متوسطة لما لم ينته المعنى إلى آخر الاسم الأول فصار الجار مع ذي القربى كاسم واحد وخرجت الألف عن الطرف وجرت مجرى ألف الغارمين.
{ويأمرون الناس بالبخل} [37].
قرأ حمزة والكسائي بالبخل بفتح الباء والخاء وقرأ الباقون بالبخل وهما لغتان مثل الحزن والحزن والرشد والرشد.
{إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها} [4].
قرأ نافع وابن كثير وإن تك حسنة بالرفع على أنها اسم كان ولا خبر لها وهي هاهنا في مذهب التمام المعنى وإن تحدث حسنة أو تقع حسنة يضاعفها كما قال وإن كان ذو عسرة أي وقع ذو عسرة.
وقرأ الباقون وإن تك حسنة بالنصب خبر كان والاسم مضمر فمعناه إن تك زنة الذرة حسنة المعنى إن تك فعلته حسنة يضاعفها.
قرأ ابن كثير وابن عامر يضعفها بالتشديد وقرأ الباقون يضاعفها وهما لغتان يقال أضعفت الشيء وضعفته كما يقال كرمت وأكرمت.
{لو تسوى بهم الأرض} [42].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم لو تسوى بضم التاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن المعنى في ذلك يود الذين كفروا.
لو يجعلهم الله ترابا فيسوي بينهم وبين الأرض كا فعل بالبهائم ثم رد إلى ما لم يسم فاعله.
وقرأ نافع وابن عامر تسوى بتشديد السين والواو الأصل تتسوى ثم أدغمت التاء في السين أي يودون لو صاروا ترابا فكانوا سواء هم والأرض.
قرأ حمزة والكسائي تسوى بتخفيف السين وفتح التاء أسند الفعل إلى الأرض بمعنى الأول والأصل تتسوى ثم حذفوا إحدى التاءين تخفيفا مثل تذكرون فأما وجه تصير الفعل للأرض فلأن الكفار إنما تمنوا أن تستوي الأرض بهم إذ شهدت عليهم أعضاؤهم فيكونوا ترابا كما قال جل وعز حكاية عن الكفار ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا قال ويجوز أن يراد بالكلام يود الذين كفروا لو يستوون هم بالأرض فيكونوا ترابا من ترابها ثم يحول الفعل إلى الأرض لأنهم إذا تسووا بها فقد تسوت بهم فيكون كل صنف منهما قد استوى بصاحبه وقد استعملته العرب في كلامها قال الشاعر:
كأن لون أرضه سماؤه

يريد كأن لون سمائه لون أرضه من شدة الغبار فشبه أرضه بسمائه وإنما أراد أن يشبه لون سمائه بلون أرضه.
{أو لمستم النساء} [43].
قرأ حمزة والكسائي أو لمستم النساء بغير ألف جعلا الفعل للرجال دون النساء وحجتهما أن اللمس ما دون الجماع كالقبلة والغمزة عن ابن عمر اللمس ما دون الجماع أراد اللمس باليد وهذا مذهب ابن مسعود وسعيد بن جبير وإبراهيم والزهري.
وقرأ الباقون أو لامستم بالألف أي جامعتم والملامسة لا تكون إلا من اثنين الرجل يلامس المرأة والمرأة تلامس الرجل وحجتهم ما روي في التفسير قال علي بن ابي طالب صلوات الله عليه قوله لامستم النساء أي جامعتم ولكن الله يكني وعن ابن عباس.
{أو لامستم} قال هو الغشيان والجماع وقال إن الله كريم يكني عن الرفث والملامسة والمباشرة والتغشي والإفضاء وهو الجماع.
{ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم} [66].
قرأ ابن عامر ما فعلوه إلا قليلا بالنصب أي استثني قليلا منهم والعرب تنصب في النفي والإيجاب فتقول في الإيجاب سرت بالقوم إلا زيدا ومررت بالقوم إلا زيدا ورأيت القوم إلا زيدا وتقول في النفي ما جاءني أحد إلا زيد فترفع على البدل من أحد كأنه يصح وضعه مكانه أن تقول ما جاءني إلا زيد وقد يجوز أن تقول ما جاءني أحد إلا زيدا أو ما قام القوم إلا زيدا فلا تجعله بدلا ولكن تجعله استثناء منقطعا أي أستثني زيدا فعلى هذا قوله إلا قليلا أي أستثني قليلا أو إلا قليل على البدل من الواو المعنى ما فعله إلا قليل منهم.
واعلم أن الاختيار في الاستثناء إذا كان منفيا وكان ما بعد إلا من جنس ما قبلها فالرفع أولى على البدل كقولك ما في الدار أحد إلا زيد والنصب جائز فتقول ما في الدار أحد إلا زيدا وإذا كان ما بعد إلا ليس من جنس ما قبله فالنصب أولى كقولك ما في الدار أحد إلا حمارا وماله ابن إلا بنتا فنصبه على الاستثناء لأن الحمار لا يكون من جنس الإنسان والرفع جائز على البدل قال الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس ** إلا اليعافير وإلا العيس

وجائز أن يكون جعل أنيس ذلك البلد اليعافير والعيس.
وقرأ الباقون إلا قليل بالرفع على البدل وقد ذكرت.
{كأن لم تكن بينكم وبينه مودة} [73].
قرأ ابن كثير وحفص كأن لم تكن بينكم بالتاء لتأنيث المودة كقوله ولا تقبل منها شفاعة.
وقرأ الباقون كأن لم يكن بالياء وحجتهم أن المودة والود بمعنى واحد كما كانت الموعظة بمعنى الوعظ قال الله جل وعز فمن جاءه موعظة من ربه وأخرى قال أهل البصرة فلما فصل بين الاسم والفعل بفاصل صار الفاصل كالعوض من التأنيث.
{والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت} [77و78].
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ولا يظلمون فتيلا بالياء وحجتهم قوله والآخرة خير لمن اتقى فأخبر عنهم ولم يقل خير لكم وأن الكلام أيضا جرى قبل ذلك بلفظ الخبر عنهم فقال ألم ترى إلى الذين قيل لهم.
وقرأ الباقون ولا تظلمون بالتاء أي أنتم وهم وحجتهم قوله أينما تكونوا يدرككم الموت.
{فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا} [94].
قرأ حمزة والكسائي فتثبتوا بالثاء وكذلك في الحجرات أي فتأنوا وتوقفوا حتى تتيقنوا صحة الخبر.
وقرأ الباقون فتبينوا بالياء والنون أي فافحصوا واكشفوا وحجتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن التبين من الله والعجلة من الشيطان فتبينوا.
قرأ نافع وابن عامر وحمزة لمن ألقى إليكم السلم بغير ألف أي المقادة والاستسلام وعن الربيع قال الصلح.
وقرأ الباقون السلام أي التحية وحجتهم في ذلك أن المقتول قال لهم السلام عليكم فقتلوه وأخذوا سلبه فأعلم الله أن حق من ألقى السلام أن يتبين أمره.
{لا يستوي القعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون} [95].
قرأ نافع وابن عامر والكسائي غير أولي الضرر بنصب الراء وقرأ الباقون بالرفع.
قال الزجاج فأما الرفع فمن جهتين إحداهما أن يكون غير صفة للقاعدين وإن كان أصلها أن تكون صفة للنكرة المعنى لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر أي لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون وإن كانوا كلهم مؤمنين قال ويجوز أن يكون غير رفعا على جهة الاستثناء المعنى لا يستوي القاعدون والمجاهدون إلا أولو الضرر فإنهم يساوون المجاهدين لأن الذين أقعدهم عن الجهاد الضرر.
ومن نصب جعله استثناء من القاعدين وهو استثناء منقطع عن الأول المعنى لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر فإنهم يساوون وحجتهم أن الأخبار تظاهرت بأن هذه الآية لما نزلت شكا ابن أم مكتوم إلى رسول الله صلى الله عليه عجزه عن الجهاد في سبيل الله فاستثنى الله أهل الضرر من القاعدين وأنزل غير اولي الضرر.